
يخوض ريال مدريد نهائي كأس ملك إسبانيا هذا الموسم وسط تحديات، لعل أبرزها يتمثل في تحديد الدور الأمثل للنجم الأوروجوياني فيديريكو فالفيردي.
فمع أن فالفيردي يتمتع بقدرات فنية وبدنية مميزة تسمح له بالتألق في أكثر من مركز، إلا أن تنقله المستمر بين مركزي الظهير ووسط الملعب أضعف من استقراره، وأثر نسبيًا على مردوده العام في بعض المباريات الحاسمة.
ومع مواجهة خط وسط برشلونة المكتظ بالمواهب، يبدو أن ريال مدريد في أمس الحاجة إلى عودة فالفيردي إلى مركزه الأساسي (منتصف الملعب)، حيث صنع مجده وفرض نفسه كأحد أهم أعمدة الميرينجي.
تنقلات مستمرة
في الموسم الحالي، عانى فالفيردي من عدم الاستقرار من حيث الأدوار، إذ استخدمه كارلو أنشيلوتي مدرب الملكي في مراكز عدة لتعويض الإصابات أو غياب بعض الزملاء، فتارةً لعب في مركز الارتكاز، وأحيانًا في الوسط، وحتى كظهير أيمن في حالات استثنائية.
الدوري الإسباني – لا ليجاريال مدريدريال مدريدسيلتا فيجوسيلتا فيجو
ومع أن هذا التعدد في المهام يعكس مرونته التكتيكية ويجعله "جوكر" في يد المدرب، إلا أن ذلك أبعده عن جوهر شخصيته كلاعب محور ديناميكي، يمتلك السرعة، والذكاء التكتيكي، والقدرة على الربط بين الخطوط.
تاريخيًا، منذ انضمامه إلى ريال مدريد قادمًا من بينيارول الأورجوياني في 2016، أظهر فالفيردي بوادر لاعب وسط متكامل، يمتلك من الطاقة والانضباط ما يؤهله لشغل مركز “رقم 8” بامتياز.
بعد فترة إعارة ناجحة في ديبورتيفو لاكورونيا، بدأ يفرض نفسه تدريجيًا في تشكيلة الميرينجي، وبلغ ذروة تألقه في الموسم 2019-2020 حين بات عنصرًا أساسيًا في خط الوسط إلى جانب كروس وكاسيميرو ومودريتش. ومنذ ذلك الحين، لم يتوقف عن التطور، فنيا وذهنيا.
لكن، أبرز محطات فالفيردي جاءت حين لعب في مركزه المفضل بوسط الملعب، وأشهرها كانت في نهائي دوري أبطال أوروبا 2022 أمام ليفربول، حين مرر كرة الهدف الحاسم لفينيسيوس جونيور، بعدما قدّم مباراة استثنائية دفاعًا وهجومًا.
وفي نهائي كأس السوبر الإسباني 2020، حين ضحّى بنفسه وتلقى بطاقة حمراء لقطع هجمة انفرادية على موراتا، وهي لقطة اعتبرتها الجماهير "أفضل بطاقة حمراء في التاريخ".
المركز المفضل
وتؤكد المؤشرات الفنية أن فالفيردي يصبح أكثر تأثيرًا في مركز الوسط متقدم أو محوري.. فإلى جانب مجهوده البدني الكبير، فإنه يمتلك تسديدات قوية من خارج المنطقة، وحضورًا ذهنيًا عاليًا في الضغط والافتكاك، كما يمتلك رؤية جيدة للملعب تتيح له بناء الهجمات أو كسرها حسب الحاجة.
وفي المواجهات الكبرى، مثل الكلاسيكو أو مواجهات دوري الأبطال أمام مانشستر سيتي، كان وجوده في الوسط سببًا مباشرًا في فرض التوازن والهيمنة على مجريات اللعب.
وفي نهائي كأس الملك المنتظر أمام برشلونة، فإن كثافة وسط الخصم المكون من بيدري، جافي، فرينكي دي يونج وآخرين، تحتم على ريال مدريد إشراك فالفيردي في العمق، لا على الأطراف. فهناك، يستطيع أن يعطل بناء اللعب الكاتالوني، ويساعد في التحول السريع للهجوم، ويمنح الفريق صلابة يحتاجها في صراع اللقب.
فالفيردي هو أحد أعمدة ريال مدريد في السنوات الأخيرة، لكن قيمته الحقيقية لا تظهر إلا حين يعود إلى مركزه كلاعب وسط عصري بقدرات استثنائية، وفي ظل التحديات المقبلة، فإن عودته إلى مركزه الطبيعي ليست خيارًا، بل ضرورة تكتيكية لا غنى عنها.